الأحد، 24 فبراير 2013

قصص قصيرة جدا

عبد الرحمن سعد - السودان



عبد الرحمن سعد












فرحةٌ باكيةٌ
فرح أهل الجولان عندما سمعوا صوت الرصاص أخيرا. سنُحَرَّر، قالوا.
لم يظهر الجنود على الجبل. ذهبتْ امرأة عجوز تستكشِّف. بكتْ عندما رأتْ أن الرصاص الكثيف قد استقَّر في صدور السوريين.

عربية
كانوا يهتفون: القدس عربية، وغزة حرة.
كان (الرصاص المسكوب) عليهم يضحك على الحليب المسكوب في الجامعة العربية.
==

تلذُّذ
بعد أن مشَّطَ لحيتَه الكثة، أمرَ زوجتَه بلبسِ النقاب. وصل المكان المتفق عليه. أمرها باللعب مع ابنهما الصغير.
تمدًّد علي كرسيه الوثير، و أخذ يتلذَّذ بمشاهدة اليانعات اللاتينيات على الشاطئ بالبكيني

لُعبة
كانت تتصيَّد العربات عندما تتوقَّف عند شارة المرور. ما أن تلمح رجل الشرطة، حتى تهطع، مختبئةً في الزحمة. ما أن يذهب الشرطي حتى تعود لمواصلة شحذها.
ذات مرة، أتيتُ خصيصاً لأسألها، هي ذات السبع سنوات تقريباً: "هل تذهبين إلى المدرسة؟"
أجابتني غاضبة ً مُبَرْطمة:
"ومتى أذهب؟ أنا هنا مع والدتي."
"وماذا تفعلين بالنقود؟"
أجابتني هذه المرة وهي مرحة: "أشتري بها حلوى، و ما تبقى أمنحه لوالدتي."
==

قُبلةٌ حارةٌ

بدأت تكرهه حين بدأ في الانزواء. كان يُكثر من إغلاق الغرفة عليه. بالغرفة فقط قارورة ماء وورقة وقلم وجهاز حاسوب محمول. السهر والإرهاق ظاهران على وجهه. لم تسأله، واكتفتْ بتوبيخه من التهرُّب من الواجبات المنزلية، أحياناً.
وهي داخل العربة التي تَقِلَّهنَّ للعمل، مدَّتْ لها زميلتها بصحيفة. عند تصفُّحِها، طلبتْ وقوف العربة. هرولتْ عائدةً للمنزل. وجدتْه نائماً، أيقظتْه بقبلةٍ طويلةٍ حارة.
مدتْ له الصحيفة قائلةً: "متى تكتب ثانيةً، يا أحمد؟"
في الصفحة الداخلية:
فوز القاص أحمد الحُسيني بجائزة القصة.
وفي التفاصيل مقدار الجائزة ستة آلاف دولار أمريكي.
==

تبسم ساقط
غامتْ الدنيا في عينيها الواسعتين، حين علمتْ من الساعي الذي يعمل مع المحاضر أنها لم تنجح. خرج المحاضر من مكتبه، فوجدها ساقطة علي الأرض، أُعجب بساقيها الممتلئتين.
يوم إعلان النتيجة وتعليقها على حامل اللوحات، كانت تجلسُ بعيدةً عنها، باكيةً. جاءتْ زميلتها تزَّفُ لها خبر نجاحها، لم تُصَدِّق ولكنها فرحتْ.
من على بُعد كان المحاضر يبتسم لها في خبث.
==

شجب
سأل المسئول الكبير جداً حارسه: "ما هذا الهرج؟"
أجابه حارسه و آثار الدموع على عينيه: "إنَّ غزة قد قُصفتْ، وأهلها يُقتَّلون الآن."
صاح المسئول الكبير: "لا يمكن السكوت عليهم أكثر من هذا. أنا أشجب و أدين هذه الفعلة النكراء."
ثم أضاف و هو غاضب: "اطلب مدير المكتب."
جاء مدير المكتب مسرعاً.
قال له المسئول: "الآن، اجلب لي فطوري."
==

للخروج

خرج من عربته الفاخرة المُظلَّلة. نزل الذي كان يركب في الأمام بخفة النمر، ليقف بجانبه.
عدَّل من ربطة عنقه ثم أسرع نحو البوابة. كان مكتوبا عليها "للخروج فقط".
أوقفه الحارس بتهذيبٍ جم. أوضح له أن البوابة للخروج فقط.
صاح فيه: "ألا تعرفني؟"
وقبل أن يجيب الحارس، ظهر مدير المؤسسة جارياً و ملوِّحاً بيده:
"مرحباً بسعادةِ الوزير. تفضَّل. تفضَّل."
اندهش الحارس وسأل مديره: "أليست البوابة للخروج يا سيدي؟"
أجابه المدير بكل هدوء: "نعم، وإنَّ من عليه الخروج الآن هو أنت."


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق