قضية مهمة جدا أثارها صاحب التعليق حول جوازات سفر الحج، وهي من أكبر بؤر الفساد في الجزائر، ذلك أنه من مجموع 36 ألف جواز، لا تدخل القرعة سوى حوالي 16 ألف والباقي 20 ألف يتم منحه للمسؤولين: الجنرالات والوزراء والولاة ورؤساء الدوائر والنواب وشيوخ الزوايا والمديرين المركزيين والتنفيذيين وغيرهم.
النظام المرتشي منح هذا الامتياز الباطل للمسؤولين كشكل من أشكال الرشوة حتى يضمن لهم المزيد من النفوذ والسلطة في المجتمع، فبعضهم يقوم بإعطائه لمعارفه وأحبابه على أمل أن يجد لديهم المقابل في مصالح أخرى، وبعضهم يقوم ببيعه.
لماذا لا يتم وضع كل الجوازات الـ36 ألف في القرعة بين الراغبين في الحج من أبناء الشعب؟ لأن هذا ببساطة سيحرمهم من مصدر الريع الذي ألفوه في دهاليز السلطة والإدارة.
المشكلة أن الشعب الجزائري غير مدرك تماما لخطورة هذه القضية، فترى الكثير من الجزائريين يلجأون إلى الحصول على هذه الجوازات من معارفهم دون حتى أن يتساءلوا عن مدى شرعية وقانونية ما يفعلونه وما يفعله المسؤولون تحت غطاء الحصانة، حيث لم يتجرأ أحد، إلى الآن، على أن يطرح هذه القضية للنقاش العام.
وبذلك، أصبح الجميع من مسؤولين وعموم أفراد الشعب، جزءا من الفساد المستشري في المجتمع، فلا تكاد تميز بين المجرم والضحية أو بين الراشي والمرتشي، فالكل في دائرة الفساد سواء والفرق الوحيد بينهم هو في الفائدة التي يجنيها كل واحد من فساده.
ملاحظة: البلدية التي أسكن فيها تعدّ حوالي 600 ألف نسمة، يفترض أن يكون نصيبها 600 دفتر حج على أساس أن لكل ألف ساكن حاج واحد، ولكن ما يتم الاقتراع عليه 200 دفتر حج فقط. والسؤال هنا: أين هي الـ400 دفتر الأخرى؟ وبأي حق تمنح لمسؤولين بعضهم لا يعرف حتى اتجاه القبلة. لو كتب لهذا التعليق أن ينشر، أرجو من القراء أن يدلوا بآرائهم في هذا الموضوع الخطير والذي تسبب في حرمان آلاف الجزائريين، كل سنة، من الحج، وبعضهم توفي دون أن يتمكن من أداء الفرض بسبب هذا التلاعب.
عبد الحميد ـ الجزائر
وما خفي كان أعظم؟ لكن:
لم أسمع عن مسؤول مات وأخذ معه إلى القبر مرسوم تعيينه، لكي ينجو من الحساب والعقاب.
لم أسمع عن مسؤول مات وأخذ معه إلى القبر جواز سفره الدبلوماسي، لكي ينجو من سؤال القبر.
لم أسمع عن مسؤول مات وأخذ معه إلى القبر عقاراته ومنقولاته، لكي يسدد بها يوم الحساب أمام رب العالمين حقوق وأموال الناس التي اغتصبها وسرقها ظلما وعدوانا.
لم أسمع عن مسؤول مات وأخذ معه إلى القبر أبناءه وأقاربه وأصهاره وعشيقاته، لكي يحملوا معه ذنوب ما أعطاهم من حقوق وأموال الشعب بالباطل، لكن يتركهم يتنعمون في الأموال ويتركونه بعدما يدفنوه يتعذب بما اقترفت يداه.
إنا لله وإنا إليه راجعون
أنا ـ الجزائر