بالعودة إلى
تاريخ حياة هذه المرأة/ البابا، كانت امرأة انجليزية ولدت تحت اسم جون بالقرب من ماينز في ألمانيا، وكان أبوها مبشراً. القريبون منها كانوا يدعونها جلبيتا Gilbetta وأحياناً جوتا Jutta. بدأت بعمر 12 عاماً بلبس ملابس الصبيان والتشبّه بهم، حتى أن من يراها لا ينتابه الشك أبداً بأنها صبي. ولأن التعليم كان مرهوناً للذكور ولرجال الدين فحسب، بدأت بالتنقل كرجل وقامت بدراسة الفلسفة في أثينا، ثم الرحيل إلى روما بعدها لتنضمّ للسك الكنسي بعد التنكر بزي الرجال، وتدرجت في المناصب وأقامت علاقات ممتازة مع جميع كرادلة الفاتيكان، نتيجة لباقتها ولطفها ومسيّحيتها التي لا تشوبها شائبة، وترشحت لمنصب البابا بعد وفاة ليو الرابع عام 857 وحصلت عليه بمباركة الجميع، واتخذت لقب "يوحنا الثامن"، واستمرت في هذا المنصب عامين وخمسة أشهر وأربعة أيام لقد هزّ هذا الحدث بعمق رجال الكنيسة، ودفنوا الجثتين في نفس المكان الذي رجمتا به، ووضعوا شاهدة من المرمر وتمثالاً يصور امرأة تحتضن طفلة، قبل أن يأتي البابا بيوس الخامس أواخر القرن السادس عشر ويأمر بإزالة التمثال والشاهدة ومحي كل ما من شأنه أن يظهر الأمر في أرشيف الفاتيكان، وبعدها أصبح لزاماً، لضمان عدم تكرار هذه الخدعة، "فحص" البابا الجديد للتأكد من رجولته.
يشكّك العديدون بهذه القصة، ويقولون إن البابا يوحنا الثامن ذاك لم يكن موجوداً أبداً، رغم وجود العديد من التفاصيل الأخرى التي توردها الكتب التي تناولت القصة، لكن الأمر يعزى إلى الشيطان دائماً الذي يكثر من التفاصيل.
خلال العصور الوسطى، ذُكر البابا يوحنا الثامن في العديد من الأعمال، إضافة لكتاب "تاريخ البابوات والأباطرة" سابق الذكر، قيل إن البابا ليو التاسع نفسه ذكر في رسالة إلى بطريرك القسطنطينية، في منتصف القرن الحادي عشر "أن امرأة احتلت مقعد أحبار روما".
الجانب المذهل الآخر، أن الخليفة المذكور للبابا ليو الرابع، أي ما يفترض أنه المرأة المحتالة، هو البابا بنديكت الثالث، الذي لا يعرف عنه الكثير سوى أنه كان يرفض مغادرة قصره ومات في عام 858 فجأة، رافضاً الدفن في بازيليك القديس بطرس، معتبراً أنه "لا يستحق أن يكون بالقرب من القديسين".
ثمة رواية أخرى يمكن ملاحظتها هنا، بعض الوثائق في تلك الآونة تستخدم اسماً أنثوياً للتدليل على البابا يوحنا الثامن الجديد الذي جاء في عام 872، فتسميه "Papesse" بدل "Pape" و"Jeanne" بدل "Jean"، ويقال إن ذلك بسبب ضعفه في وجه كنيسة القسطنطينية القوية، وربما أيضاً وجود علامات على مثليته الجنسية آنذاك، والبعض يقول إن المسلمين من قاموا بالترويج للاسم.
هل قام الفاتيكان بخلط الشخصيتين لإخفاء هذا الأمر؟ أم أن هناك ارتباكاً شائناً حاول الجميع طمسه؟ أم أن الأمر مجرد مخيلة لا أكثر من أحد "الزنادقة" الملحدين؟ لا أحد يعلم فعلاً، لكن إحدى أوراق "تاروت مرسيليا" تحمل اسم البابا المؤنث، وترمز للأنوثة والانفتاح وازدواجية الرجل والمرأة، أي جميع الرموز التي تدلّ على البابا المؤنث يوحنا الثامن.